عقد وزير الخارجية الإيراني، سيد عباس عراقجي، اجتماعًا صباح اليوم الأحد(15 يونيو)، مع سفراء وممثلي البعثات الأجنبية والدولية في طهران بمقر وزارة الخارجية، تناول فيه المستجدات الأخيرة.
و قال عراقجي : "أود اليوم تقديم توضيحات بشأن العدوان السافر من قبل الكيان الإسرائيلي ضد إيران. فقد بدأ الكيان الصهيوني سلسلة من الهجمات على أهداف داخل إيران دون أي تمهيد، ما يعد انتهاكًا صريحًا لسيادة أراضينا. وشملت هذه الهجمات منشآت متعددة، أبرزها منشأة نطنز النووية، بالإضافة إلى أهداف داخل مدينة طهران، وأدت إلى استشهاد عدد كبير من المدنيين في العاصمة ومدن أخرى."
وأضاف: "حدث هذا بينما كنا نجري مفاوضات مع أمريكا بشأن الملف النووي، وكان من المفترض أن تنطلق الجولة السادسة اليوم."
وصرح عراقجي أن "إسرائيل لا تعترف بأي حدود في خرقها للقوانين الدولية، إذ قتلت النساء والأطفال الأبرياء في فلسطين، وانتهكت كل المعايير الدولية في غزة. واليوم، تجاوزت خطًا أحمر جديدًا عبر استهداف منشأة نووية، وهو عمل محظور تمامًا تحت أي ظرف كان."
وأعرب عن أسفه لصمت مجلس الأمن، قائلاً: "أشكر الدول التي أدانت هذا العدوان، لكن من المؤسف أن هناك دولاً أوروبية تدعي التحضر، بدلاً من إدانة إسرائيل، وجّهت اللوم لإيران."
لقد قمنا بالرد على هذه الهجمات، وذلك استنادًا إلى مبدأ الدفاع عن النفس. فمن حق كل دولة مشروعًا أن تدافع عن نفسها في مواجهة أي اعتداء، وهذا ما بدأت به قواتنا المسلحة منذ ليلتين.
هدفنا من الضربات الصاروخية على الأهداف العسكرية والاقتصادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كان فقط الدفاع عن النفس والرد على العدوان. ففي الليلة الأولى، استهدفنا فقط المواقع العسكرية، ولكن بعد أن قام الكيان أمس باستهداف منشآت اقتصادية، قمنا نحن أيضًا منذ الليلة الماضية باستهداف مواقع اقتصادية، وتم تنفيذ الضربات وفقًا لذلك.
الهجوم على عسلويه يُعد عدوانًا صريحًا وخطوة بالغة الخطورة. جرّ الصراع إلى الخليج الفارسي خطأ استراتيجي، ويهدف إلى نقل الحرب إلى خارج الأراضي الإيرانية. أي تطور عسكري في هذه المنطقة قد يطال تأثيره العالم بأسره. ونأمل أن يبادر المجتمع الدولي بالتحرك لوقف هذه الجرائم.
إيران ستواصل دفاعها المشروع بقوة. وفيما يتعلق بالهجوم على منشأة نطنز النووية، فقد طلبت من المدير العام عقد جلسة طارئة، وستُعقد يوم الاثنين. ونأمل في صدور إدانة قاطعة لهذا الهجوم من قبل الكيان.
نتوقع من المجتمع الدولي ألا يكتفي بالإدانة، بل أن يعاقب الكيان الصهيوني أيضًا. إن تجاهل هذه الخطوط الحمراء ستكون له عواقب على كافة الدول.
ومن وجهة نظرنا، فإن اعتداء الكيان الإسرائيلي على إيران لم يكن ليحدث لولا التنسيق والدعم الأميركي. لدينا أدلة قاطعة على دعم القوات الأميركية في المنطقة لهذه الهجمات. لقد رصدنا بدقة، ونملك العديد من الأدلة على كيفية تقديم القوات الأميركية الدعم للكيان. لكن الأهم من كل هذا، تصريحات ترامب العلنية، التي أعلن فيها دعمه الصريح للهجمات، وقال بوضوح إن هناك مراحل لاحقة. الولايات المتحدة شريك مباشر في هذه الهجمات، ويجب أن تتحمل مسؤوليتها.
تركز ردّنا على الأهداف داخل الكيان الصهيوني نفسه. لا نرغب في توسيع نطاق الحرب إلى دول أخرى أو إلى المنطقة، إلا إذا فُرض علينا ذلك. كنا منشغلين بالمسار الدبلوماسي، ولكن العدوان فُرض علينا. ونحن ندافع عن أنفسنا بقوة، وهذا حق مشروع، وجاء كرد على العدوان. وإذا توقف العدوان، فإن ردّاتنا أيضًا ستتوقف.
كان من المفترض أن تنعقد اليوم في مسقط الجولة المقبلة من المفاوضات. نحن واثقون من سلمية برنامجنا النووي. وإذا كان هدف الاتفاق هو حرمان إيران من حقوقها النووية، فمن الطبيعي ألا نكون مستعدين لأي اتفاق من هذا النوع. لقد أجرينا خمس جولات تفاوض، وكان من المقرر أن نقدم خلال الجولة السادسة مقترحنا. الطرف الأميركي كان قد قدّم مقترحات لنا، لكنها من وجهة نظرنا غير مقبولة، وكنا نعتزم تقديم خطة بديلة نعتقد أنها كانت ستفتح الطريق نحو التفاهم.
الكيان الإسرائيلي لا يؤمن بالمفاوضات، واعتداءه على إيران وسط المفاوضات دليل على رفضه لأي مسار تفاوضي. لقد تكرر ذلك مرات عديدة في السنوات الماضية. أتذكّر أنه في ربيع عام (2021)، وبينما كنا نفاوض لإحياء الاتفاق النووي، نفّذ الكيان الإسرائيلي عملية تخريب في منشأة نطنز، ما تسبب بقطع الكهرباء وأدى إلى تعطل عدد من أجهزة الطرد المركزي. كان هدفهم حينها إفشال المفاوضات. وأعلنا آنذاك أننا سنبدأ بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60% ردًا على هذا التخريب.
والآن أيضًا، ما جرى هدفه تقويض المفاوضات، ونأسف لأن الحكومة الأميركية قد ساهمت في ذلك. لقد تلقينا عبر قنوات مختلفة خلال اليومين الماضيين رسائل من أميركا تدّعي عدم تدخلها، لكننا لا نصدق ذلك. وإذا كانت لديهم مثل هذه الادعاءات، فعليهم أن يعلنوها بوضوح. الرسائل الخاصة لا تكفي. من الضروري أن تعلن أميركا موقفها الصريح وتدين الهجوم على المنشآت النووية.
نحن ننتظر من أميركا أن تنأى بنفسها عن هذا النزاع. ونأمل أن يولي المجتمع الدولي اهتمامًا كافيًا لهذه القضية، ويقف في وجه اعتداءات إسرائيل ويتخذ موقفًا حازمًا. فهذا هو السبيل الأفضل لتحقيق السلام في المنطقة.