تأسست مدينة وادان الحديثة سنة 1152م (536هـ) في منطقة أدرار شمال موريتانيا، وسط مجال عمراني ضم مدناً وقرى أقدم، من بينها بافورية ومسوفية، وعلى أنقاض وادان القديمة المعروفة بـ«تفرل»، التي ما تزال آثار دورها ومقابرها وأسوارها شاهدة على عمق تاريخي ضارب في القدم.




وقد أسس وادان الحديثة أربعة حجاج من قبيلة «إدو الحاج» وهم: الحاج يعقوب، والحاج عثمان، والحاج علي، والحاج عبد الرحمن الصائم، لتتحول المدينة سريعاً إلى مركز حضاري وعلمي بارز في الصحراء الكبرى.
وتقع وادان على بعد نحو 100 كيلومتر من مدينة شنقيط، ويعود تاريخ المنطقة إلى عصور ما قبل الإسلام، حيث سكنها في مراحل مبكرة كل من البافور والأزير والماسن والسونوكي. وفي مطلع القرن العشرين، خضعت المدينة للاحتلال الفرنسي ضمن سياق احتلال موريتانيا.
وعُرفت وادان بمكانتها العلمية المرموقة، إذ توصف بأنها أقدم جامعة في الصحراء، أسهمت في نشر العلم والثقافة العربية الإسلامية، وكان علماؤها من أوائل من أدخلوا كتاب «شروح خليل» لخليل بن إسحاق الجندي إلى المنطقة.

ومن أبرز معالمها التاريخية «شارع الأربعين عالماً»، وهو معلم فريد تصطف على جانبيه منازل أربعين عالماً، لا تزال هوية أصحابها وتواريخ وفاتهم معروفة، ما يجعله رمزاً للتراث الإنساني ودليلاً حياً على النهضة العلمية التي عرفتها المدينة. ويمتد الشارع من المسجد العتيق عند سفح الجبل إلى المسجد الجديد في أعلاه، في مشهد عمراني يجسد عراقة وادان ومكانتها الحضارية.
