المخدرات وخطورتها على الفرد و المجتمع بقلم: حماده ولد سيدينا

اصبحت ظاهرة إدمان الشباب على المخدرات منتشرة وللأسف، وهو ما أصبح أمر خطير و مقلق  جدا ،  فظاهرة  إدمان المخدرات تهدف الي القضاء علي عقول الشباب وأبدانهم في آن واحد , وهذا أمر إن تمكن من غرز مخالبه في شباب المجتمع  ضاع هذا المجتمع وضاع مستقبله،  ولذلك اصبحت ظاهرة إدمان المخدرات من المشكلات الخطيرة التي تشغل بال المسؤولين في جميع انحاء العالم.

فالمخدرات تسرق الشباب من حاضرهم ومستقبلهم وتعتبر تجارة الموت هي الآفة التي غزت العالم بمختلف طبقاته وقد حاول كثيرٌ من النّاس قديما تشريعها وتعاطيها ولكن أبت أعراضها أن تكون مشروعة، حيث أنّها سببٌ في موت النّاس البطيء.
فأصبحت تعرف ب "تجارة الموت" هذا ما قاله النّاس عنها وهذا توصيفها الحقيقي الذي لا بدّ لكل إنسان من الأنتباه منه والأبتعاد عنها، ويجب على السلطات الضرب بيد من حديد على تجارها و التشهير بهم ومعاقبتهم بلا رحمة.

تكمن خطورة المخدرات في عدم قدرة الأطباء على توقع تأثيراتها السلبية التي تؤدي في غالب الأحيان إلى موت المُدمن دون قدرة على التدخل أو حتى إنقاذ المدمن،  ومن المؤسف أنّ أكثر ضحايا المخدرات هم من الشباب واليافعين الذين يبحثون عن كل جديد محاولين تجربته.

إن المخدرات هلاك للعقل والجسد و تعد من أخطر المواد التي يتعرض الإنسان لها في حياته والتي تؤدي إلى الإدمان، حيث لا يستطيع العيش من دونها، مما يؤدي إلى أنهيار أعصاب المتعاطي وجسده وعدم قدرته على التوازن أو حتى أداء المهام اليومية بنجاح، وللمخدرات أنواع مختلفة حيث تختلف التأثيرات الجانبية ما بين نوع وآخر فهي تختلف ما بين قوي وخفيف ولكن على كافة الأحوال تبقى،  مادة سامة تداهم الأعصاب و تقضي عليها، وقد كثر ضحايا المخدرات في بلادنا وللأسف وكذالك في دول العالم .

و لا تقف أضرار المخدرات على الجانب الجسدي والصحي فقط، بل تتعداها إلى أن المدمن يهلك ماله ونفسه ووقته وروحه. إنّ الإنسان الذي يدمن تعاطي المخدرات يُدمر عقله رويدًا رويدًا فلا يستطيع التركيز على شيء من الأمور ومن أخطر الأشياء التي يتأثر بها العقل هو الشعور المؤقت بالسعادة الذي يهبه المخ للجسد بعد تعاطي تلك المادة المخدرة، ثم تبدأ الرغبة الملحة على الإنسان في تكرار تلك التجربة فيفقد الشخص السيطرة على نفسه و يبدأ بالمداومة على تلك المادة مما يؤدي فيما بعد إلى ضمور في المخ ، وعدم قدرته على أداء مهامه الحيوية التي كان يفعلها من قبل بكل بساطة، ويؤثر ذلك بشكل مباشر على حياته اليومية. 
وآثار تعاطي المخدرات لا تتوقف على الشخص نفسه أبدًا بل يُؤثر تعاطي على أفراد المجتمع كافة وخاصة الذين يعيشون مع الشخص الدمن، كما أن عصبيته الزائدة تؤثر على حياة المتعاطي  الذي يؤدي بهي إلى عالم الإجرام والسرقة والتسول وغيرها من الآفات المجتمعية التي باتت لا تخفى على أي أحد.

إنّ إدمان المخدرات يُدمر المجتمعً بأكمله وليس شخصًا بعينه، إنّه يجعل الرذيلة سائدة على الفضيلة ويحول البيئة الأجتماعية إلى مستنقع يصعب تطهيره وتنظيفه. إنّ المخدرات هي السم الأبيض الذي يتناوله الإنسان فيضعف نفسه وروحه ويؤدي به  إلى الموت وهو على وجه الحياة، فيكون عالة على غيره ولا يستطيع أن يكون عضوًا فاعلًا بأي مجال، بل يكون هو ذلك الإنسان الذي يمقته الجميع حتى أقرب النّاس إليه، إنّ المخدرات تؤدي إلى الأكتئاب والقلق فيعيش المدمن حالة من الهذيان و يجعل المحيط الضيق في موجة من الرعب العنيف ، ليصبح محط إيذاء لغيره فيصبح غير مرغوب به في المجتمع،  أو حتى بين أقاربه، وتبدأ مشاعر الجميع بالتغير نحوه فهو لم يعد ذلك الإنسان الإيجابي الذي يرغب الناس دائمًا بالألتفاف حوله.

إنّ التعافي من تعاطي المخدرات ليس بالأمر الهين على الإطلاق ولكنه في ذات الوقت ليس أمرًا مستحيلًا، حيث يمكن للإنسان الإقلاع عن تلك العادة المدمرة من خلال مجموعة من الأفعال، أولها إجراء فحص طبي شامل يحدد الأجزاء المتضررة من الجسد وكيفية علاجها، ومن ثم العرض على طبيب نفسي حتى يتمكّن من تحديد مدى الأذى الذي أصاب المتعاطي إثر تلك السموم، ثم في نهاية الأمر اختيار برنامجع علاجي يتوافق مع الحالة التي يعاني منها الإنسان المدمن، مع الرقابة الدائمة إمّا في المصحة أو في المنزل من قبل عائلته وأقربائه، ولا شيء يستحيل مع الإرادة والرغبة في الشفاء، والله في عون الإنسان الذي يعزم على التغيير في حياته إلى الأفضل.

إن المخدرات هي النقمة الحقيقية التي يعاني منها أفراد المجتمع وبخاصة الشباب اليافع، ولا بدّ من حملات يشترك فيها الجميع من سلطات و مجتمع المدني من أجل توعية كبيرة  يُشار فيها إلى أثر المخدرات وخطورتها على الشخص والمجتمع وقدرتها على تدمير المجتمع بأكمله، لنقوم جميع بحملة تحت شعار: حري بالإنسان أن يعمل على إعمار هذه الأرض وترك أثرًا طيبًا فيها، فيحمده الناس بعد موته.