رحلة طويلة متعبة وأخرى فوضوية /جمال اباه

قبل عشرة أيام من الآن كنت فى رحلة آخر محطاتها أرض أحلامي الهند ،بدعوة أعدها لى صديقي سفير الهند فى موريتانيا السيد ناريش كومار 

بدأت الرحلة الى أرض الأحلام يوم تسعة رفقة أخي وصديقي الصحفي أشريف العربي 

أقلتنا طائرة "تركي أيرلاينز"بكل أريحة من مطار نواكشوط إلى مطار أسطنبول الدولي ،ووفقا لطبيعة التذكرة كان علينا الإنتظار لمدة 6 ساعات لتقلنا نفس الخطوط بإتجاه مطار حمد الدولي بقطر ،ومن شرفة نافذة الطائرة وقبل الهبوط بدقائق فى الرحلة المتوجهة إلى قطر أدهشني منظر الدوحة بعماراتها الشاهقة المطلة على البحر ....،،"صدقوني لم أرى مشهدا فى حياتي أروع ولا أجمل من هذا يمكن وصفه.

نزلنا إلى مطار حمد الدولي أنا وصديقي العربي فى انتظار طائرة قطر أيرلاينز التى ستقلنا إلى مطار اينديرا غاندي بالهند .

وبعد ساعات طويلة من الإنتظار ووفقا لطبيعة نفس التذكرة اتجهنا فى الوقت المحدد إلى مطار اينديرا غاندي بالهند.

وصلنا يوم 10 إلى مطار اينديرا غاندي بدلهي وكان فى استقبالنا افراد منظمي الرحلة ،وفى قاعة المطار وبعد إستوفاء إجراءات الدخول ،أوضح لى السيد سينغ أننا من ضمن مجموعة من الصحافة قادمة من عدة بلدان أفريقية -لزيارة-دلهي وبانغالور .

تعرفنا فى الرحلة على أصدقاء من الصحافة المغربية والجزائرية وعلى الأخوة فى دجيبوتي وأثيوبيا والصومال ومالي .

لم أرى فى حياتي أكرم ولا أفضل من الدجيبوتيين ،ولا بنقص ذاك من فضل معرفة الأخوة بالمغرب والجزائر الذين كانو ولا يزالو يعتبروننا أخوة ويتنافسون على ذاك ،وعن المصريين للأسف ما يحمله القلب يكاد أن يظهر على الوجوه.

لم تكن الرحلة للتنزه فقط بل كانت للإطلاع على بلد تألق منذ عهد قديم فى صناعة الحداثة والتطور عبر تاريخ حافل بالانجازات الفنية فى شتى العلوم 

قمنا بزيارة للمتحف الوطني بدلهي، ولقصر الشاه ولرابطة رجال الأعمال الهنود، ولأول مقر للبرلمان الهندي ولمهد البيولوجيا بيوكون Biocon ،ومقر التكنولوجيا وصناعة الصواريخ ،ويكفينا أسفا وحسرة فقط عند معرفة أن شركة هندية مثل Rites limited أحتفلت منذ أيام بعيدها ال50 وصنعت معجزات فى البنية التحتية بزامبي وأثيوبيا ترغب فى التعامل معنا ولا تجد اذانا صاغية .

والأغرب من ذلك آن رابطة  الصناعة فى الهند التى تضم رجل الأعمال الملياردير موكيش أمباني ترغب فى التواصل مع موريتانيا .

ان الحالة  التى نحن عليها خاصة فى أختيار دبلوماسيين يملؤون البطون من أجل وطنهم لن تصل بنا إلى بر الأمان.

يقول البعض ان الهند فقيرة وأقول أنا ان البحر لا يتسخ ولو اختلط بملايين الاطنان من الأوساخ 

الهند بقصورها القديمة ومعابدها الذهبية تحتضن تاريخا لحضارات كانت تعمل وتبني لنفسها مجدا لم يستطع الزمن طمسه ،أما نحن ويا حسرة علينا لم يسجل الزمن ولا الجغرافيا ما قام به الاجداد من فتوحات ونشر للإسلام

وفى نهاية الرحلة وبعد الوصول إلى مطار أسطنبول أقلتنا طائرة للخطوط التركة بنفس الطريقة  مع مجموعة من الحجاج الموريتانيين وانتهى بنا المطاف إلى مطار نواكشوط الدولي "بالفال"

وفى صفوف الركاب استوقفني شخص يلبس جلبابا أبيضا ذو لحية مبعثرة ، وقال لي احترم الصف فقلت له ببساطة انا لا اقف أمامك وأتجه إلى شباك أخر لكنه فى الحقيقة لم يفهم وأمطرني بوابل من الشتائم قائلا أنه يعرف أمثالي ويعرف أيضا كيفية التصرف معهم وما كان بي الا أن اخبرته بحقيقة شكله المقرف وما يفعله أمثاله من أجل إرضاء طائفة الوهابيين مقابل بضع دراهم، فى اللحظة الأولى من بداية رحلتنا عرفت أن عقله مثل عقل العصفور ،ويعيش فى جلباب أبيه ،وبعد تسجل البيانات اتجهة إلى مكان الحقائب للبحث عن حقيبتي وألتقيت به هناك وقصدت النظرَ إليه عن قرب لفهم شكله الغريب (لحية مبعثرة كأنها لحية عتروس ،وجلباب أبيض وعقل عصفور) .

أمام الشرطة كان يريد ضربي لكن بعد لقائي عن قرب خاف على نفسه ,كنت متأكدا من جبنه وحقارته 

خرجت من قاعة الحقائب بإتجاه التفتيش الذى كان سلسا ومحترما ،وقفت لدقائق بحثا عن زميلي المرافق لكن لم اجده، ولحسن طالع ذلك العتروس إلتطم وجهي بمرآة المطار وقت غفلة ،وسالت من شفتي دماء جراء الإلتطام ،وفى ذاك الوقت نظرت إلي عصفورة من أتباع ذلك العتروس لتقول لي  "زباك جاي من الحج"

قلت لها فعلا عقل العصفور لا يختلف عن عقول العصافير الإناث 

هاكذا هي موريتانيا الكون يدور حولهم وشكل المدن يشهد بتاريخ حضارتها الرملية  دمتم فى ما انتم فيه