شهدت موريتانيا في مثل هذا اليوم من عام 1984 تحولًا سياسيًا كبيرًا، حين أطاح انقلاب عسكري قاده العقيد معاوية ولد سيد أحمد الطايع بالرئيس محمد خونه ولد هيدالة، في حدث لا يزال يشكل إحدى أهم المحطات في مسار الدولة الحديثة.
وجرى الانقلاب فجر 12 ديسمبر 1984 بشكل سريع وهادئ، مستغلًا وجود ولد هيدالة خارج البلاد للمشاركة في قمة دولية، ليعلن قادة الجيش تولي معاوية رئاسة اللجنة العسكرية للخلاص الوطني وإعادة ترتيب هياكل السلطة.
وكانت العلاقة بين الرجلين قد شهدت توترًا واضحًا خلال الأشهر التي سبقت الانقلاب، خصوصًا بعد إقالة ولد الطايع من منصب الوزير الأول، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرًا على اتساع الهوة بين القائدين داخل المؤسسة العسكرية.



ومع وصوله إلى الحكم، رسّخ ولد الطايع نهجًا يقوم على تركيز السلطات في يد الرئاسة، مع المحافظة على قدر من الانفتاح السياسي المُراقَب. وشهدت البلاد خلال حقبته التي امتدت لأكثر من عشرين عامًا تحولات بارزة، أهمها:
- إصدار دستور 1991 الذي أقرَّ التعددية الحزبية والانتخابات التنافسية.
- تبني سياسة أمنية قوية، خاصة في مرحلة ما بعد أحداث 1989 وما رافقها من توترات عرقية داخلية.
- تعزيز علاقات موريتانيا الخارجية، من بينها إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام 1999، وهو قرار أثار حينها جدلاً واسعًا داخليًا وإقليميًا.
- إطلاق مشاريع اقتصادية مرتبطة بالبنية التحتية واستغلال الموارد، رغم استمرار التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
ورغم نجاحه في الحفاظ على استقرار نسبي، فقد واجه نظام ولد الطايع انتقادات واسعة بشأن تراجع الحريات واحتكار السلطة، قبل أن ينتهي حكمه بانقلاب أغسطس 2005.
ويظل 12/12/1984 تاريخًا مفصليًا أعاد رسم المشهد السياسي الموريتاني، وفتح فصلًا جديدًا امتد عقدين من الزمن بقيادة معاوية ولد الطايع، الذي ترك بصمته على مؤسسات الدولة ومسارها السياسي الحديث.
